هيثم ناجي الصنوي - موقع توباز برس الثقافي.
مصابة بالزكام ، حزينة كعادتها ،
لا تستطيع سماع أنفاسها ، صامتة ، تزاحم
الموتى وتتقمص شخصياتهم ، حبيبها شاب كادح ، مصاب بالحب ، مفعم بالسلام
، لص قلوب ، أعرفه منذ عام تقريباً ، أسمر ، يحب الشعر ينام بين خلجان الفقر ، يصحو على ضوء الشمس حاملاً أحلامه
في جعبة ٍ صغيرة ، ممزقة ولكنها تحفظ ما فيها .
هي سماءها سوداء وغيومها
لا تسقينا المطر ، إنها ليست وطن
ولا سكن ، ورغم ذلك يبقى الشاب الكادح
حبيبها ، في بادئ الأمر قيل لي بأنه إله
الكادحين ، نبي ٌ لمن يقرأ الكتب والأدب ، قلبه حضارة حب ، وعقله ترجمان القلب ،وقلمه سلطان مملكة الشعر .
هي لا تقرأ شعره ، لا تسمع بكائه
عندما ينام بين خلجان الفقر ، لا تشتهي النظر إلى عينيه ، إنها قاسية جداً
ولكنه سيبقى حبيبها ، أين سيذهب ؟ وكيف سيصحو ؟ إن لم تكن حبيبته !
حدثت صديقي عنه فقلت له : عندما يتحدث نصمت إجلالاً لبلاغته ، وعندما
يصمت نقف إجلالاً لما يفكر فيه .
قال لي : إنه من كل ِ نبع ٍ قطرة ، ومن كل شجرةٍ ثمرة ، ومن الكتاب فصل ٌ ،
ومن السطور كلمة من أجل الحب .
والحب كلمة لها معانٍ كثيرة ، استحسنها الإنسان ، ومنعها من جانبٍ آخر ، فكانذلك عبئاً كبيراً على العاشقين ، وقلة زاد عند المحبين ،
ومنهم الشاب الكادح العاشق المفتون ، الممنوع من الحب ، إن الحياة تزيد من معاناته
، إنها ترفض قراءة قصائده ، علها تغفر له ، أو تضعه في هامش السعادة ، ولكنها لا
تريد فهل لي وللكادح بالسبب..
عندما تشرق الشمس في فصل الشتاء ، يستيقظ الجميع ويشربون الشاي الحار،
ويستمعون إلى المذياع ، هي حياتهم السعيدة كما يعتقدون ، وهي التعيسة كما أعتقد ،
أما الشاب الكادح فيستيقظ ويتدفأ بأوراق كتابٍ أهداه صديقه له ، يحكي قصة سلامِ
خالدة ، قرأ مقدمته عند بزوغ النهار بعد
أن أكمل قراءة رواية ميرامار التي كتبها نجيب محفوظ ، الكادح يعتقد بأن حياته تعيسة ، ولكني أعتقد
بأنه هو الحياة .