الدكتور والأديب أحمد السري
أستاذ التاريخ في جامعة صنعاء
"تحت الطاولة"قصة قصيرة لهيثم ناجي، صوت واعد في دنيا الإبداع السردي، يمتلك اللغة وتقنية السرد، مدعومان بقدرة على الترميز المكثف.
أختار أن يطل علينا من زنزانة، وليس سهلاً أن تنقل من زنزانة لغة الحيطان الكئيبة والأنفس المحبطة.
في الزنزانة الضيقة تتسع الآمال عادةً، لكن القاص هيثم ناجي يصر على واقعية المكان ويجعل الزنزانة كاشفة لأحوال الإنسان وموقظة له من أوهامه.
منها يحاكم أخلاق العالم من حوله ويدينه، الطيبة وهم كما يكتشف القاص، مع أنه هدف الحالمين على الدوام..
من خلال حوار بين سجينين، عن ثالث تراءى لهما في باب الزنزانة يبدو العالم ضيقا حتى ليحس القارئ أنه رابعهما.. وتلك على وجه التحديد هي لحظة الاقتدار، اقتدار الكاتب على إدخال القارئ إلى عالمه ليخبره عن خيباته ويعذره إن أستمر بالنوم تحت الطاولة.
الزنزانة مكان رمزي يقنعك هيثم من خلال سرده أنها رغم صغرها فهي تعتقل أخلاق العالم بأسره ويكون الشر هو المطلق الوحيد خارجها.
أنا مسرور جداً أن أقرأ للشباب هذا المستوى من فن السرد ولا يزالون بعد في أول الطريق.. نتمنى للقاص هيثم ناجي أن يخرج من ضيق المكان إلى فضاء السرد الأوسع، وأن يعمق تجربته ويخرجها من تحت الطاولة ويهديها جناحين تحلق به في فضاء الإبداع وعوالمه الفاتنة.